-السلامعليكم ورحمة اللــــــــــه وبركــاتـه-
قـــال تعالى :
(وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِيَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِتَذُودَانِ
قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءوَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا
ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّيلِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)
فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّأَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)
أيهاالكرام :
لنقف أمامهذا المشهد القرآني الجميل الذي تجسده لنا
الآية الكريمة في سورة القصص :
ونتأمل في قوله تعالى :
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25].
هذه المرأة أتت موسى عليه السلام مع عدم علمها بشخصه
ومن يكون موسى عليه السلام ,,
أتته تمشي على استحياء ,,
مشية الفتاةالطاهرة الفاضلة العفيفة حين تلقى الرجال‘على استحياء‘
لم تأته بكامل زينتها ولم تأته تتغنج أو تتبختر بلأتته تمشي على استحياء
في غير ما تبذل ولا تبرج ولاإغواء.
إن الله تبارك وتعالى هنا لم يصف سرعة مشيها
أو لبسها أو صفة صوتها ،
بل وصف حيائها الذي هو شعبة من شعبالإيمان ..
وقد روي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنهقال:
"كانت مستترة بكم درعها، قائلة بثوبها عنوجهها،
ليست بسلفع من النساء دلاجة ولاجة خراجة"
أتت لهفقط تُبلغه بدعوة أبيها لِيجزيه أجر ما سقى لهما .
دعوة في أقصر لفظ وأدله يحكيه القرآنبقوله:
{إِنَّأَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا} القصص.
فمع الحياءالإبانة والدقة والوضوح، لا تلجلج ولا تعثر ،وذلك كله من الفطرة السليمةالمستقيمة،
فالفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديثمعهم،
ولكنها لثقتها بطهارتها واستقامتها لم تضطربالاضطراب الذي يطمع ويغري ،
إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوبولا تزيد.
فخاطبت موسى عليه السلام بكلام موجز مختصرمفيد،
لا انكسار ولا خضوع فيه،
وأسندت الدعوة إلى أبيها وعللت ذلكبالجزاء
على ما فعل لكي لا يبقى مجال للريبوالشك
وهذا من الحياء أيضا بل هو قمةالحياء.
حيث أنها لم تَنسب أمْر الدعوة والجزاء لِنفسها بل نسبته إلى أبيها ،
قال ابنكثير رحمه الله:
وهذا تأدُّب في العبارة،
لم تَطلبه طَلبا مُطلقا ، لئلا يُوهِمريبة
بل قالت :إن أبي يدعوك لِيجزيك أجْر مَا سقيت لنا،
يعني : ليُكَافئك على سَقيك لِغَنَمِنَا ..
كم لنافي هذه الآية من عبرة وعظة ؟؟!!
وماأحوجنا إلى التحلي بالحياء ذلك الْخُلُق الـنَّبِيل ، والوصْف الكريم ..
الحياء :انه صِفَة مِن صِفَات الله عزّوَجَلّ ، ففي الحديث الصحيح :
"إن الله عز وجل حَيِيّ سِتِّير يُحِبّالْحَيَاء والسِّـتر " . رواه الإمام أحمد .
الحياء هوخُلُق دِين الإسلام .. قال عليه الصلاة والسلام :
(إنَّ لِكُلّ دِين خُلُقًا ، وخُلُق الإسلامالحياء ). رواه ابن ماجه ,
.
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه :
(كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدّ حَياء مِن العَذْراء فيخِدْرِها) . رواه البخاري .
كان الحياءخُلُقًا تتوارثه الأجيال ، وتَفْخَر به الأمم .
ولنا في سير الصالحات من السلف القدوةالحسنة :
فقد كانتأم المؤمنين عائشة رضي اللهعنها
تدخل حجرتها التي دُفن فيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم ,ووالدها أبو بكر رضي اللهعنه,
ولا تجد حرجاً من خلع ثيابها وخمارها مع وجود
القبرين في جانب الحجرة
وتقول: (إنماهو زوجي وأبي)
ولكنها استدركتفقالت:
(فلما دُفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلاّ وأنا مشدودة عليّ ثيابي
حياءً من عمر رضي الله عنه)
رضي الله عنها فقد استحت أن تخلعثيابها
قرب رجل غريب عنها برغم أنه ميت!
- وسيدةنساء أهل الجنة فاطمة رضي الله عنها تقول :
إني أفكر في نفسي غداً إذا أنا مت،
كيف يُطرح عليّ ثوب وأخرج أمام الرجال؟!
فتقول لعلي رضي الله عنهما :
إذا أنا مت فادفني ليلاً فإني أستحي
أن تُخرجني في النهار أمام الرجال !!
وها هي تقول لأسماء بنت عميس رضي الله عنهما :
(يا أسماء إني أستقبح ما يُصنع بالنساء،
يطرح على المرأة ِ الثوب ُ فيصِفها )
تريد إذا ماتت ووضعت في نعشها ,
فقالت لها أسماء يا ابنة رسول الله ، ألاأريك شيئاً رأيته بالحبشة ؟
فاتت بجرائد رطبة فحنتها أي ثنتها ثم طرحت عليها ثوباً،
فقالت فاطمة رضي الله عنها:ما أحسن هذاوأجمله …
إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد أهمها أن يرى الناس بدنها حين يحملوها لدفنها !!
وما ارتاحت حتى رأت الذي يغطي جميعبدنها,
فهذا حياء في الممات !!
فأين حياء بعض النساء في الحياة؟؟
لله درك يا ابنة رسول الله تستحين وأنت ميتة،
فما بال بعضنسائنا وبناتنا الأحياء لا يستحين !!؟؟
- والمرأةالتي فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عنه ،
فقال أحدهم :تسأل عن ولدها وهي تُغطي وجهها،
فسمعته فقالت :
( لأن أُرزَأ في ولدي خيرٌ من أن أُرزأ فيحيائي )
- والمرأة التي كانت تُصرع على عهد رسول الله صلى الله عليهوسلم،
وجاءت إليه تطلب منه أن يدعو الله لها لتشفى من مرضها،
فقال لها رسول الله إن شئت صبرت ولك الجنة )
فماذا قالت ؟ قالت يا رسول الله أصبر،
ولكن أدعو الله لي ألا أتكشف !!
مع أن الله لن يحاسبها لتكشف بدنهالأنها مغلوبة على أمرها ،
فما بالأخواتنا يتكشفن وما بهن صرع !!؟
ترى أين حياءبعض نساء هذه الأيام ؟ من حياء تلك النسوة الكرام !!؟
,,,,
هل من الحياء أن تدخل المرأة لوحدها على الطبيبالرجل اختيارا !!؟
في حين أنها قد تجد الطبيبة الكفء!!؟,
بل ولربما خلعت حجابها عنده بلا أدنى حاجة
وكأن الطبيب من محارمها؟؟!!.
أين الحياء منتلك المرأة التي خرجت للأسواق
فرقّ حجابها وضاق ملبسها؟؟
بل وأينالحياء من بعض النساء التي قد تتساهل بحجابها فيالسفر,,
أو أمام السائق أو البائع أو مع من تراه من غيربلادها,
ولربما تحرزت مع غيرهم فما سبب هذا التناقض ياترى !!؟؟,
و عندالألعاب الترفيهية او الملاهي صور يشكو منها الحياء
حين تظل البعض منهن تلعب بمرأى منالرجال,
وربما تعالت صيحاتها وبدا بعضجسمها,
والادهى والامر من ذلك ان محرمها قد يكون معها !!
فأين حياء المرأة بل أين غيرة الرجل؟؟
قال علي رضي الله عنه :
(أما تغارون أن تخرج نساؤكم؟
فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج ). رواهأحمد
قال ابنُالقيّمِ رحمه الله :
منعقوباتِ الذنوب أنـها تُطفئ من القلب نارَالغيرة …
وأما فيالمشاغل النسائية وقاعات الأفراح ,,
فكم ينحر الحياء هناك مرات ومرات منقِبل بعض النساء
وذلك حين تتخلى بعضهن عن معظم ملابسها بحجة التجميلوالجمال !!
ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول :
" ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيتها إلا هتكتالستر
فيما بينها و بين الله عز و جل" رواهأحمد
وكأني بهنقد غفلن عن قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( أن من أهلالنار- نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات،
لا يدخلن الجنة، ولا يجدنريحها.)
ومعنى"كاسياتعاريات"
أن ثيابهن لا تؤدي وظيفة الستر،
فتصف ما تحتها لرقتها وشفافيتها !!
وأما في عالم النت فحدث ولا حرج عن الحياء الذياختفى بين السطور والكلمات !!
بل قتل و نحر هو والفضيلة معه للأسففي بعض المنتديات التافهة,,
حتى أن الواحد منا قد يتساءل :
ترى ماذا بقي من الحياء وخاصة عند النساء؟!!!
قال تعالى :
{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَالنِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَبِالْقَوْلِ
فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًامَّعْرُوفًا} (32) سورةالأحزاب
مما جاء في تفسير هذه الآية :
(فلا تخضعن بالقول )يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ..
(فيطمع الذي في قلبه مرض ) أي في قلبه دغل أيفساد
(وقلن قولا معروفا ) أي قولا حسنا جميلا معروفا في الخير ,
ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم ,,
ونجد أن هنا التكليف موجه للجنسين ,,
وإنما خصت المرأة بعدم الخضوع بالقول
لأنه في الغالب لا يصدر إلا عن النساء .
ولذا لم يكن ضرباً من الحصار الفكري ذلك التوجيه القرآني البديع
لنساء النبي صلى الله عليه وسلم
بعدم الخضوع بالقول فيطمع الذي في قلبهمرض!!
فإذا كان خير نساء العالمين يُحذرن
مغبة إثارة شهوات الرجال الأولين ,,
في خير القرون ,فكيف بنساء ورجال هذا الزمان؟؟!!
فالرجل يبقى رجلاً والمرأة تظلامرأة
وإن صدقت التوجهات وسلمتالنوايا!!!؟؟
يقولون كي نتطور ونتقدم لابد لنا من التنازل
عن شيء من الفضيلة والحياء !!
ونسوا أنه بسبب التقدم والمدنيةالزائفة
تم قتل الحياء ونحرت الفضيلة !!
فما علاقة التقدم .. بقلة الحياء؟
وما المانع من أن نسير في ركبالتقدم
مع محافظتنا على تعاليم ديننا ,
وما أمرنا الله به من عفة وحياء وتقوىوفضيلة.؟؟؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلمقال …
((الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبةمن شعب الإيمان )) رواه البخاري .
……….
من أسباب انتشار قلة الحياء ونزع العفة والفضيلة
في المجتمع هو عدم الاهتمام بتربية وتأديب الأبناء ,,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع) رواه الترمذي ..
يقصدبالولد/الذكر والأنثى ..
إن الإهمالفي التربية وعدم زرع الحياءوالفضيلة في نفوس الصغار
وخاصة الفتيات من أهم أسباب نزع الحياء لذا فلا بد من الاهتمام بالتربيةوالتأديب والتعليم ,
كما قــال رسول اللــه صلــى الله عليه وسلم :
(من كانت لــه ابنة فأدبها وأحسن أدبها وعلمهــافأحســن تعليمــها
وأوســع عليها من نعــم الله تعالى التي أسبغعليه
كانت له منعةوستراً من النار)..رواهالطبراني..
وتربية الأبناء والبنات مسؤولية عظيمــة والوالد مسؤول عنذلك
فمن شب على شيءشاب عليه.
قال صلـى الله عليه وسلم :
(ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن)رواه الترمذي .
يقولالشاعر:
وينشأ ناشئالفتيان فينا ….على ما كان عوده أبوه !!
ومن الأسباب أيضًا : الابتعاد عنالدين,,
ومنها أيضاالجهل بمعنى الحياء!!
وأيضا كثرة خروج الفتاة من بيتها ومخالطة من قل حياؤهن !
فإن الأخلاق حسنهاوسيئها تكتسب بالمخالطة ..
والصاحب ساحب كمايقال,
ورد فيالحديث ( مثل الجليس الصالحوالجليس
السوء كحاملالمسك و نافخ الكير)
هناك الكثير من أصدقاء السوء أوصلوا أصاحبهم إلى المهالك .!!
بالإضافة إلى ذلك كله ’’ فإن تأثير وسائلالإعلام
واضح جداعلى الأولاد و ذ لك
لمافيها من تزيين وتشجيع على قلة الحياء ونبذ الفضيلة !!!
وصدق الشاعرحين قال :
فلاوالله ما في العيش خير … ولا الدنيا إذا ذهب الحياء !!
يعيش المرء مااستحيا بِخير .. ويبقى العود ما بقي اللحاء !!
أسأل الله العظيم أن يمن علينا بالحياء
اللهم امين