:D
عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضيئلة، تبدأ من حيث بدأنا، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود! أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طـــويـــلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الانسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض....! "سيد قطب-رحمه الله"
أفيقي يا أمة الإسلام...بقلم/معمر التوبي
كم هو محزن ومدمع للعين يوم أن نرى أو حتى نسمع عن حال أمتنا وحال شبابنا، بل هو حالنا أجمع. أصبحنا أمة تأكل ولا تشبع، وتنام ولا تستيقظ، أصبحنا نصبح ونحن ننتظر ماذا يكون غداً!! وعندما نسأل بعضنا عن حال يومنا، يكون الجواب واحداً وهو "روتين في روتين، أو يوم عادي كأي يوم مضى!!". إلى متى سيظل هذا الحال، إلى متى سنظل عقول ولكن لا تفكر، وأجساد ولكن لا تطيق العمل، اليوم أصبح حالنا يرثى عليه وأصبحت الأمم الأخرى التي تصعد سلم النهضة والحضارة بإتزان وقوة، أصبحت والله لا ترى فينا إلا بشرا بعقول حيوانية!، لا تعرف من الحياة إلا الدعة والنوم والأكل وركنت عن الإجتهاد والتخطيط والبناء، بل أصبح اليوم بمرئ ومسمع الجميع،أن الإنسان الأجنبي يتحكم في إقتصادنا وفي أمور حياتنا، بل وصل الحد في أن يتحكم في سياساتنا الداخلية وفي أحوالنا الشخصية، فأصبح ذلك الأجنبي يعلو ويتكبر على أبناء أمتنا في أن يأمر وينهى، وفي أن يسنّ تشريعاته وقوانينه ويضرب بكل سيادة عرض الحائط!!
لماذا تتدعون أنكم أمم ودول مستقلة، وفي حين نجد أن شخصا أجنبيا تكاد سلطته لا تساوي شيئا، يتحكم في أمور بلادكم ويجعل من شباب أمتكم خدما، وأين؟! أن كذلك كله على أرضكم المزعم إستقلالها!!
إنني لا أخص بكلامي هذا دولة ما، ولا أخص به موضوع ما يفعله الأجنبي في بلادنا ولكن أرجع كل ذلك إلى حالنا الذي يرثى عليه، وهو أننا في حالة ضعف ووهن شديد، فنحن قد أرتضينا بل وأبتغينا ذلك، فصدق سيدي عمر بن الخطاب حين قال" من أبتغى العزة في غير الإسلام أذله الله" وها نحن اليوم فعلا نطلبها في غير ديننا ومن أعداءنا!!؟
كل ذلك عائد وكما قلت في كوننا تخلينا عن مصدر عزتنا وقوتنا، فنحن إن أردنا أن نتأكد من ذلك، فلنعود للتاريخ وقصة الحضارة، لنعرف من نكون، ولندرك من كنا قبل مجيء الإسلام، ومن أصبحنا بعد أن دخل الإسلام قلوب من سبقنا، فسنجد أن الواقع فعلاً مراً وأن الحقيقة لا يستسيغها أحد ولكنها الحقيقة!!
ولم تقف المشكلة عند هذا الحد، بل وصل الأمر بمن ألقى لنفسه مسؤولية الإصلاح في أنه هو الآخر قد أصيب بمرض اليأس وقال مقولته اليآسة "تعبنا ولا فائدة" ولكن أقول" بل ركنتم إلى الدنيا، وتخليتم عن مبادئكم". نحن نعاني اليوم من مشكلة كما رآها غيري في أنها سبب الوباء الذي يجتاح أمتنا والذي أوصلنا لهذه الحالة وهي "الذل والعبودية"، تلك المشكلة التي كانت شرارة ولكنها أحرقت كل شيء ودمرت حضارة عظيمة، أتدرون ما هي؟!، إنها قضية "فقدان الهوية أو العقيدة أو الرسالة، فقدان الأخلاق، وإذا أردنا أن نستوضحها أكثر فهي قضية "الإبتعاد عن المنهجية الإسلامية".
ليس الأمر بالهين في حين أن يتعلق الأمر كل الأمر بمشكلة ريئسية سببت تأخراً كبيراً وأضرمت ناراً لا تنطفيء في لحظة، ولكن حتى لا ندع لليأس طريقا، نقول بأن هذه النار ستنطفيء ولو أن الأمر يحتاج وقتا طويلا وجهدا مكثفا.
أعود مرة أخرى لتحليل بؤرة البلاء، وأجد أن أول ما يجب أن نركّز عليه هو العودة الصادقة إلى القرآن والتدبر في آياته وثم العمل بما جاء. ثم علينا أن نتحلى بالأخلاق الحميدة والتي جاء بها القرآن وجاءت بها سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، علينا أن نرفع عنا الحقد والحسد والكبر والعُجب والرياء والنفاق وسوء الظن، علينا أن نمتهن الصدق ونبرىء من الكذب، علينا أن نخلص في عملنا ومع أهلينا وجميع الناس، علينا أن نحب بعضنا البعض ونضع أيدينا معا، علينا أن نزرع الثقة فيما بيننا، و أن نفشي السلام ونعامل الناس بالود والإحترام وأن نصل رحمنا ومن قطعنا. ومن أراد أن يعرف طريق السمو بالأخلاق فعليه بسنة المحتار، فهي خير موجه بعد كتاب الله.
ثم لندرك أن العـــــلـــم قـــــــــوة وأن العلم سر من أسرار العلو والسمو، والعلم عندما يتحد مع الأخلاق فهو إتحاد ومعادلة تضمن تحقيق صعود الحضارة ورقيها وتضمن مجتمعاً بل أمة عظيمة قوية، تكفل حق الفرد وعيشه الكريم ويعم بهذا الإتحاد العدل والحرية والعيش الكريم.
ثم يأتي بعد ذلك العمل والإخلاص في العمل بذرة صالحة لا تأتي ثمرها إلا بتحقق ما سبق ذكره وهو معرفة الله في كتابة والعمل به، والتمسك بالأخلاق الحميدة وبثها في أبنائنا وأجيالنا، وثم طلب العلم، فبعد أن تتحقق هذه الشروط، فالأمة ستملك حضارة فيها القوة الإقتصادية والسياسية والعسكرية وفيها يكون الإستقلال الحقيقي، وفيها يعيش الجميع في أمن وعدل ورخاء، تلك هي "المدينة الفاضلة" والتي نتوق لرؤيتها ذات يوم.....