لا
يمكن لأحد أن يحيط بشخصية أعظم رجل في الكون ألا وهو الرسول الأعظم محمد
بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، حيث لم تبرز على طول التاريخ مثل هذه
الشخصية العظيمة التي تجسدت في رجل أحدث تغييرات واسعة في التاريخ
الإنساني، وقد اعتبر أحد الكتاب الغربيين في كتابه (المئة الأوائل) الرسول
(صلى الله عليه وآله) في المرتبة الأولى من عظماء التاريخ البشري، كما
واعتبره أعظم شخصية في تاريخ العالم بما حققه من نجاح عظيم في إبلاغ
رسالته وتأسيسه لدولة إسلامية كبيرة، وحضارة عريقة ظلت تغذي العالم بالعلم
والمعرفة والعطاء لقرون عديدة، حيث يقول الدكتور مايكل هارث أستاذ
الرياضيات والفلك والفيزياء في الجامعات الأمريكية وخبير هيئة الفضاء
الأمريكية:
(لقد
اخترت محمداً (صلى الله عليه وآله) في أول هذه القائمة.. ولابد أن يندهش
كثيرون لهذا الاختيار ومعهم حق في ذلك، ولكن محمد (صلى الله عليه وآله) هو
الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحاً مطلقاً على المستوى الديني
والدنيوي. وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات وأصبح
قائداً سياسياً وعسكرياً ودينياً، وبعد 13 قرناً من وفاته فإن أثر محمد
(صلى الله عليه وآله) ما يزال قوياً متجدداً).
وتظهر
عظمة الرسول (صلى الله عليه وآله) من خلال ذلك الإعجاز الهائل الذي غير به
ظاهرة الجزيرة العربية وأخرجها من بؤس الجاهلية وشقاء التقاليد الوثنية،
فالجزيرة العربية كانت غارقة في جهل مطبق، وظلام دامس، وفقر مميت، وأن
الذي يقارن بين الجزيرة العربية قبل البعثة وبعد البعثة يصاب بالذهول مما
يراه من التحول الإعجازي الجذري الذي حصل فيها. يقول الإمام أمير المؤمنين
(عليه السلام) في كلام يصف فيه هذه الحالة:
(بعثه
والناس ضلال في حيرة، وخابطون في فتنة، قد استهوتهم الأهواء، واستنزلتهم
الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء، حيارى في زلزال من الأمر وبلاء من
الجهل، فبالغ (صلى الله عليه وآله) في النصيحة ومضى على الطريقة ودعا إلى
الحكمة والموعظة الحسنة).
ويقول (عليه السلام) أيضاً في وصف الجاهلية قبل البعثة:
(أرسله
على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم واعتزام من الفتن، وانتشار من
الأمور، وتلظ من الحروب. والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور، على حين
اصفرار من ورقها وأياس من ثمرها وأغوار من مائها، قد درست منار الهدى،
وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة لأهلها، عابسة في وجه طالبها، ثمرها
الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف).الخطبة 157 / 87.
فتحول
الأعراب الغارقين في الصحاري المترامية والجاهلية البائسة إلى حضارة
منطلقة أعطت العالم روحاً جديدة وأفاضت عليه تاريخاً مشرقاً وضاءً.
يقول المستشرق الأمريكي ادوارد وورمسي:
(وكانت
العرب غارقة قبل نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) في أحط الدركات حتى ليصعب
علينا وصف تلك الخزعبلات التي كانت سائدة في كل مكان، فالفوضى العظيمة
التي كان الناس منهمكين فيها في ذلك العصر، وجرائم الأطفال - يعني قتلهم
خشية الفقر - ووأد البنات أحياء، والضحايا البشرية التي كانت تقدم باسم
الدين، والحروب الدائمة التي تنسب آناً بعد آن بين القبائل المختلفة،
والنقص المستديم في نفوس أهل البلاد وعدم وجود حكومة قوية. حتى أتى الوحي
من عند الله إلى رسوله الكريم، ففتحت حججه العقلية السديدة أعين أمة جاهلة
فانتبه العرب، وتحققوا أنهم كانوا نائمين في أحضان الرذيلة المظلمة
ولنتصور سكان البادية حينما رأوا أصنامهم تكسر على مرأى ومسمع منهم وهم
المشهورون بالشجاعة والصلابة في الرأي وعدم الخضوع للغير، أفلا يثور
ثائرهم ويهبون لقتل محمد؟ ولكنه كان يتكلم بكلام الله ربه، فقد كانوا
يشعرون بذلك حيث يجدون في نبرات صوته هدى وتأثيراً كبيراً طاغياً، ولهذا
لم يستطيعوا القيام ضد تيار الحق، ولم يجدوا بدا من الجري في مجاري النقاء
الجديد، لأنه اجتاح كل الموانع والسدود كما يجتاح السيل الجارف كل شيء يقف
في طريقه وهكذا انتصرت الفضيلة على الرذيلة).
والذي
يضفي على هذه الرسالة والرسول آفاق النجاح والموفقية في تحقيق أهدافها، هي
تلك الانعطافة التي أحدثها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسيرة
الحياة الإنسانية. فمع انطلاقة هذه الرسالة بدأ عهد جديد تحولت فيه
الإنسانية إلى وجه جديد وحضارة متألقة تتصاعد نحو التقدم والرقي. إذ أن
الفكر الإنساني بدأ ينضج ويتبلور بعد أن استطاعت الحضارة الإسلامية أن
تقدم إلى العالم النتاج العلمي الكبير الذي أصبح وبالفعل قاعدة لانطلاقة
العلم الحديث، فقد أثار الرسول (صلى الله عليه وآله) برسالته الخالدة
كوامن الفكر، وأوقد جمرة العقل، ورسخ منهج الاجتهاد والتجديد بعد أن حارب
أفكار الجاهلية والتقليد الأعمى والاستعباد والاستبداد. لينير في درب
الإنسانية مفاهيم الحرية والعلم، والشورى والإخاء والأخلاق، فبعد أن
استطاعت الحضارة الإسلامية أن تمد جذورها في بلاد العالم بدأت مرحلة جديدة
من الفكر والعقلانية،واتخذ العالم منهجاً متميزاً في إدارة أموره ليعتمد
بالدرجة الأولى على الحرية والعلم والعقل.
فقد
كان المنطلق الذي قامت عليه الرسالة هو العلم (اقرأ باسم ربك الذي خلق)،
والحرية (ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم) والعقل (أفلاك
يعقلون)، ليصبح الخطاب العلمي والعقلي هو المعجزة الكبيرة التي تمثلت في
القرآن، ولذلك فإن القرآن الكريم يجسد في طياته مفاهيم حضارة جديدة
باستطاعتها أن تغذي العالم بأفكار ورؤى تعطيه الطاقة الحيوية لبناء
إنسانية متطورة. يقول الكاتب الروسي الكبير تولستوي:
(ومما
لا ريب فيه أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كان من عظماء الرجال
المصلحين الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنه هدى
أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة
الزهد، ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي
والمدنية، وهذا عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثل هذا لجدير
بالاحترام والإجلال).
ويقول الكاتب الكبير برنارد شو:
(لأني
أكن كل تقدير لدين محمد (صلى الله عليه وآله)، لحيويته العجيبة فهو الدين
الوحيد الذي يبدو لي أن له طاقة هائلة لملاءمة أوجه الحياة المتغيرة وصالح
لكل العصور. لقد درست حياة هذا الرجل العجيب، وفي رأيي أنه يجب أن يسمى
منقذ البشرية).
نعم
إنه منقذ البشرية ودينه دين الحياة والسعادة، يقول تعالى في كتابه الحكيم:
(كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط
العزيز الحميد)(1).
ومما
لا ريب فيه فإن انطلاقة الفكر الإنساني الحديث بدأت على يد رسول الله (صلى
الله عليه وآله) عندما حملت رسالته الخالدة إلى العالم تلك المفاهيم
الراقية التي غيرت التاريخ الإنساني ليبدأ انعطافة حضارية جديدة لا زالت
تفيض على البشر بالعطاء والخير والعلم. فقد أرسى رسول الله (صلى الله عليه
وآله) مبدأ الحرية بصورة عملية بعد أن أكد القرآن على ذلك في الكثير من
آياته، فكانت الحرية السياسية والفكرية التي تعطي للإنسان الحق في التعبير
عن رأيه (وأمرهم شورى بينهم) وكذلك الحرية الدينية التي تمنح للأديان
الأخرى الفرصة لممارسة حقوقهم وقوانينهم (لا إكراه في الدين). وقد ضرب
الإسلام على طول تاريخه أروع الأمثلة في التعامل مع الأديان الأخرى
والتعايش معها، فنعمت هذه الأديان بالحرية والأمن. يقول المستشرق الفرنسي
جاك بيرك:
(لم
يكن الإسلام في أي يوم عدو الديانات الأخرى، بل إنه الديانة الوحيدة التي
حافظت على حقوق أبناء الديانات الأخرى، وهذا موقف ساحر بكل تأكيد، وقلما
شاهدنا في تاريخ الديانات هذا المستوى من السحر الذي نشاهده في الإسلام).
وإذا
كان الغرب يدعي تصديه اليوم لطرح الأفكار الإنسانية الجديدة ومبادرته
إليها مثل: الحرية والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان و..، فإن الرسول
(صلى الله عليه وآله) كان قد سبقهم من قبل بعدة قرون، فكانت الحرية هي
محور وجود الإنسان في الإسلام، والشورى هي الأصل الذي لابد للحاكم أن
يلتزم بها في ممارسة الحكم، والمساواة هي النظرة الاجتماعية العاملة التي
يجب أن تحكم المجتمع الإسلامي، فلا فرق بين أبيض ولا أسود، ولا بين عربي
ولا أعجمي، إلا بالتقوى، والناس سواسية كأسنان المشط، فالمقياس للتفاضل في
الإسلام هو الكفاءة المدعومة بالتقوى لا اللون والجنس والعنصر والطبقة،
كما أن العدالة الاجتماعية هي القانون الحاكم في الإسلام. لذلك نجد أن
رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قامت على هذه المفاهيم ضمت كل
الفصائل البشرية على اختلافها، فكان إلى جنب الأغنياء في معسكر رسول الله
(صلى الله عليه وآله) الفقراء وإلى جنب العرب الفرس مثل سلمان الفارسي
وإلى جنب الأبيض والأسود مثل بلال الحبشي، يقول البروفسور كاراديفو في
كتابه المحمدية:
(إن
محمداً كان هو النبي الملهم والمؤسس ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة
العالية التي كان عليها، ومع ذلك فإنه لم ينظر إلى نفسه كرجل من عنصر آخر،
أو من طبقة أخرى غير طبقات بقية المسلمين..، إن شعور المساواة والإخاء
الذي أسسه محمد (صلى الله عليه وآله) بين أعضاء الكتلة الإسلامية، كان
يطبق عملياً حتى على النبي نفسه).
وهكذا
فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذر البذرة الأولى في حقل الإنسانية
لإبداع عالم جديد يقوم على حركة من نوع جديد تحمل أفكاراً ومفاهيم جديدة.
فلأول مرة في تاريخ العالم بدأت أول حركة إصلاحية عالمية شاملة اعتمدت على
السلم والأخلاق والعدالة والحرية والشورى والمساواة ففتحت صفة حضارية
ناصعة البياض وكتبت تاريخاً مشرقاً تفتخر به الإنسانية حتى الأبد.
إن
دراسة حياة النبي (صلى الله عليه وآله) تكشف لنا عن عقل كبير استطاع أن
يفهم الحياة بحكمة، ويتعامل مع الواقع الخارجي بحنكة سياسية كبيرة يندر أن
يرى لها التاريخ مثيلاً، فالحكمة السياسية التي تعامل بها الرسول (صلى
الله عليه وآله) مع أعداءه جعلته ينتصر عليهم بأسرع وقت وأقل الخسائر، فلا
يمكن أن نجد على طول التاريخ قائداً سياسياً كبيراً استطاع أن ينتصر على
أعدائه بهذه السرعة وهذا العدد القليل من الخسائر البشرية والمادية بعد أن
كان لا يمتلك أي شيء من الإمكانات المادية التي تؤهله لأن ينتصر غير عقله
الكبير وحنكته السياسية، فقيادته للحروب مع المشركين واستخدامه لأذكى
الاستراتيجيات العسكرية وخاصة في اختياره للمواقع الحربية واستخدامه
لأساليب الحرب السليمة، تضعه في قمة التاريخ العسكري، وإذا كان تقييم
الخبراء العسكريين لإدارة الحرب، بأنها الانتصار بدون حرب ودماء فإن هذا
يجعله (صلى الله عليه وآله) من أذكى القادة في التاريخ.
ومن
ناحية أخرى فإن الإدارة الحكيمة للصراع السياسي توضح عبقرية الرسول (صلى
الله عليه وآله) وتكشف عن أحد أهم أسباب نجاحه في حركته، ويبدو ذلك جلياً
في صلح الحديبية حيث استفاد منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تحكيم
مواقع الإسلام وامتلاك حرية الحركة لأجل نشره، ويبدو واضحاً أيضاً في
قدرته على إيجاد التوازن والاتحاد بين فئات المسلمين من المهاجرين
والأنصار والأوس والخزرج وذلك من خلال مسألة التأخي التي يمكن أن تعتبر
أكبر مناورة سياسية ناجحة في التاريخ حيث رسخت دعائم الإسلام وأدت إلى
تماسك المجتمع الإسلامي وقيادته نحو هدف مشترك.
وكما
يبدو ذلك أيضاً في تعامله الذكي مع المنافقين الذين كانوا يسعون إلى تخريب
الإسلام من الداخل، ولكنه بحكمته (صلى الله عليه وآله) استطاع أن يحجمهم
ويستوعبهم.
ويظهر
العقل الكبير للرسول (صلى الله عليه وآله) في فن إدارته للحكم وقدرته على
تأسيس دولة حديثة قوية تمتلك نظاماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً
متوازناً، وحينها بدأت مرحلة تاريخية جديدة في حياة البشرية لم تتعرف
عليها من قبل في أنظمة الحكم والدولة. فقد اتسع نطاق المدينة وتزايد عدد
سكانها، وأخذ الناس يعمرون الأراضي الواسعة فكتب رسول الله (صلى الله عليه
وآله) صحيفة بين المهاجرين تجعل أهل كل حي من الأنصار مسؤولين عن حيهم وعن
أمن المدينة من ناحيتهم، فكانت حكومة الرسول (صلى الله عليه وآله) حكومة
شعبية زمامها بيد الشعب نفسه، فتحولت حكومة المدينة إلى حكومة مثالية لم
يسمع فيها جرائم أو منازعات أو فوضى أو قلة نظام، وذلك بعد أن استطاع
الرسول (صلى الله عليه وآله) ترسيخ المثل الإسلامية وتوطيد المحبة وتحكيم
المساواة بين الجميع وتحصين الأمة بالقوة الحقيقية والاطمئنان الواقعي
والتقدم الصحيح، فساد الإيمان بالمثل والقيم الإسلامية في الناس، وتضاءلت
المشاكل الفردية والنزاعات الشخصية، وغلب على الناس الاتصاف بروح الجماعة
والتعاون والتحاشي عن الوقوع في المعاصي والجرائم، وظهر في الناس التحلي
بالأخلاق الحسنة التي لم يعرفها الناس من قبل، فكان يؤثر الناس بعضهم
بعضاً في العطاء والبذل في سبيل الله تعالى.. وقد شعر الجميع بأن زماناً
جديداً يطل عليهم، فتهافتت القلوب إلى الإسلام وأخذ الناس يلتفون حول رسول
الله (صلى الله عليه وآله) بالطاعة والرضا وأخذت العشائر والقبائل والبلاد
تتسابق إلى الإسلام فازدادت البلاد الإسلامية بذلك سعة ورحبا، كما ازدادت
شعبية الحاكم وحرية الشعب الممتزجة بالإيمان والفضيلة وحب الخير فأنزل
الله تعالى:
(بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا).
وبهذا الصدد يقول الكاتب الأمريكي سيرفلكد:
(كان
عقل النبي محمد (صلى الله عليه وآله) من العقول الكبيرة، التي قلما يوجد
بها الزمان، فقد كان يدرك الأمر ويدرك كنهه من مجرد النظرة البسيطة، وكان
النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في معاملاته الخاصة على جانب كبير من
إيثار العدل، فقد كان يعامل الصديق والقريب والبعيد والغني والفقير والقوي
والضعيف بالمساواة المطلقة. وكل هذه الفتوحات والانتصارات لم توقظ في
شعوره العظمة والكبرياء، ففي ذلك الوقت الذي وصل فيه إلى غاية القوة
والسيطرة كان على حالته الأولى في معاملته ومظهره، حتى بالرغم من الغنائم
وغيرها فإنه كان يصرفها على نشر دعوته ومساعدة الفقراء.. وكان محمد (صلى
الله عليه وآله) يجد راحته وعزاءه في أوقات الشدة والمحنة في الثقة بالله
ورحمته، ومعتمداً دائماً على الله ليتمتع بالحياة الأخرى).
إن
دراسة حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) وحركته الإصلاحية الشاملة ومسيرته
السلمية العادلة تلقي أنواراً مشرقة لاختيار الطريق نحو إيجاد التغيير
وإنقاذ العلم الإسلامي.
الركائز الحضارية لحركة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)
ويمكن أن نلخص الأعمدة الأساسية التي قامت عليها حركة الرسول (صلى الله عليه وآله) الإصلاحية في الأمور التالية:
1
ـ الحرية الإسلامية: حيث إن الرسول (صلى الله عليه وآله) قام من أجل
الحرية وإنقاذ الإنسان من الاستعباد الجاهلي، وعن طريق إنقاذ الناس من
العبودية استطاع الرسول أن ينجح في حركته، وإذا أردنا أن ننقذ العالم
الإسلامي فلابد لنا أن نجاهد من أجل الحرية.
2
ـ الأمة الإسلامية الواحدة: فبعد أن جمع الرسول المسلمين ووحدهم في إطار
أمة واحدة، انطلقت الأمة الإسلامية فبنت للعالم مجداً حضارياً بقيت
الإنسانية تتمتع به طوال قرون عديدة. وإذا أردنا أن ننال المجد ثانية لابد
أن نسعى لتحقيق أمة إسلامية واحدة.
3
ـ الأخوة الإسلامية: فعندما كانت روح الأخوة هي الحاكمة بين أصحاب الرسول
استطاعوا النجاح، فالرسول (صلى الله عليه وآله) ألغى الفوارق بين الغني
والفقير، والأبيض والأسود، والعربي والأعجمي، حتى أصبحت الأخوة الإسلامية
هي المقياس في فهم العلاقات الاجتماعية، ومن ثم ساروا في الاتجاه المنطقي
للحياة، وعلينا إذا أردنا أن نستعيد مجدنا الغابر الرجوع إلى الأخوة
الإسلامية بمعانيها الصادقة.
4
ـ الشورى: فعندما يساهم الناس بآرائهم في ممارسة الحكم وأتخاذ القرار
تتفتح الكفاءات ويرتبط الناس بالحاكم ويستعدون للتعاون معه مثل ما تعاون
المسلمون مع الرسول (صلى الله عليه وآله) في صنع مجد الحضارة الإسلامية
وإذا أردنا أن نتخلص من مآسينا لابد أن نتخذ الشورى منهاجاً في الحياة.
5
ـ السلم واللاعنف: فإن العنف يحطم أهداف الحركة ويلغي مشروعيتها، وينفر
الناس منها، بينما السلم يقودها نحو النجاح والتفاف الناس حولها. ولهذا
نجح الرسول في بناء دعائم الإسلام وانطلاق حضارته.
6
القانون الإسلامي. فقد بنى الرسول (صلى الله عليه وآله) مجتمعاً متحضراً
ومتماسكاً عن طريق تطبيق القوانين الإلهية التي تمنح السعادة والاستقرار
للمجتمع، فإذا أراد المسلمون أن يتخلصوا من مشاكلهم لابد أن يفهموا هذه
القوانين ويسعون لتطبيقها. قال الله تعالى في كتابه العزيز: (ومن أعراض عن
ذكري فإن له معيشة ضنكا).
7
ـ مكارم الأخلاق: فلا يمكن النجاح بالأخلاق السيئة التي تنفر الناس
وتبعدهم فقد استطاع الرسول أن ينجح بأخلاقه العظيمة مثل: العفو عمن ظلمه،
سعة صدره، وتحمله للأذى، صبره على المكاره، تشاوره مع أصحابه، حلمه وعدم
غضبه، زهده وعدم ترفعه، جلوسه مع المساكين والضعفاء وعدم تكبره عليهم،
مداراته للناس واستيعابهم عن طريق صلتهم وحل مشاكلهم وقضاء حوائجهم إلى
صفات كثيرة ترسم لنا طريق العمل السليم في حياتنا.
قيم السماء تجسدت في خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)
-
وفاؤه: في غزوة بدر أسر المسلمون عباس عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وجردوه من لباسه، فعندما أرادوا إكساءه لم يجدوا له ثوباً يناسب جسده لما
كان فيه من عظم الجثة، حتى جاء عبد الله بن أبي وكان في صفوف المسلمين
فألبسه ثوبه، ثم وبعد سنوات أخذ عبد الله بن أبي يعادي النبي (صلى الله
عليه وآله) ويخاصمه وصار من كبار المنافقين الذين كانوا يؤذون النبي (صلى
الله عليه وآله) في مختلف المجالات ولكن عندما حضرته الوفاة جاءه النبي
(صلى الله عليه وآله) وحضر جنازته ثم كفن بثوبه وصلى عليه، فكان ذلك
مقابلة منه (صلى الله عليه وآله) لإحسانه في بدر لعمه العباس.
-
مزاحمه: كان (صلى الله عليه وآله) في منزل قبا وعنده التمر فجاءه صهيب بن
سنان وهو يعاني من ألم في إحدى عينيه، فأخذ صهيب يشارك النبي (صلى الله
عليه وآله) في أكل التمر، فمازحه النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: أتأمل
التمر مع ألم عينك، فأابه قائلاً: آكل بالعين التي لا تؤلمني!! فضحك النبي
(صلى الله عليه وآله).
-
خشيته: عن حمران بن أعين عن عبد الله بن عمر أنه قال: سمع رسول الله (صلى
الله عليه وآله) ذات يوم شخصاً يتلو قوله تعالى: (إن لدينا أنكالا وجحيماً
وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليما)(2)، فعند ذلك ارتعد (صلى الله عليه وآله)
ثم أغمي عليه.
-
إكرامه الضيف: كان عدي بن حاتم الطائي مشركاً قد فرّ إلى الشام عندما غزا
المسلمون جبل طي، ولكن بعد فترة جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ليسلم ويعلن إيمانه بالنبي (صلى الله عليه وآله) إكراماً بالغاً فجاء به
إلى بيته وفرش له وسادة وأجلسه عليها وجلس هو (صلى الله عليه وآله) على
التراب، وعندما أمتنع عدي من ذلك أبى (صلى الله عليه وآله) إلا أن يجلسه
على الوسادة ويجلس هو (صلى الله عليه وآله) على التراب.
الهوامش
1 - سورة إبراهيم: الآية 1.
2 - سورة المزمل: الآيتان 13 - 14.
الصلاة على النبي وآله .. حياة للقلوب...إيهاب الرماحي
(إِنَّ
اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب: آية 56.
لماذا الصلاة على محمد؟
حقّاً
لماذا أمرنا أن نصلي على نبينا كلما ذكر اسمه، وخاصة في بعض المواسم
المباركة كشهر شعبان ـ الشهر المنسوب إلى رسول الله (صلّى الله عليه
وآله)؟ ـ الصلاة هي لغة التعطف والترؤف والعناية المركزة، والتعبير عن
الحب والحنان والعطف عند الإنسان، وحينما تكون الصلاة من الربّ للعبد فإن
ذلك يعني أن الله يعطف ويترحم ويتحنن على عبده.
وحينما
تكون الصلاة من الملائكة للعباد المؤمنين فذلك يعني أن الملائكة يستغفرون
لهم، ويدعون لهم ويؤمنون على دعائهم ويسدّدونهم ويتركونهم ويعصمونهم من
الأخطاء. أما عندما تكون الصلاة من العبد لربه فإنه يعني الدعاء والتضرع
والتبتّل.
وكلمة
الصلاة هي واحدة ذاتاً ومعنىً، إلا أن ما يطرأ على هذه الكلمة من مختلف
التطبيقات والتأويلات إنما هي بحسب موقع الإنسان أو موقع القائل للصلاة.
فمثلاً حينما تكون كلمة (افعل) من العالي إلى الداني فإنّها تكون أمراً،
وحينما تكون منطلقة من الشخص إلى نظيره فإنها تكون رجاءً، وعندما تنبعث من
الشخص لمن هو فوقه فهي ستكون دعاءً وطلباً، وكذا هي كلمة (الصلاة) التي
يفيد معناها اللغوي التحنن والتعطف والترؤف والتعبير عن الحنان والحب
والعناية وما أشبه.
فالصلاة
حينما تكون من الإنسان إلى الله كهذه الصلاة التي نؤديها، فإنها ستعني
حالة من الدعاء، لذلك قال بعض اللغويون: أن معنى الصلاة هو الدعاء. وهنا
وقفوا حائرين، فإذا كانت كلمة الصلاة تعني الدعاء، فما معنى صلاة الله على
عبيده؟ وصلاة الملائكة عليهم؟ ولماذا نجد الكلمة ذاتها تتكرر أو تستخدم،
مع أن استخدام المشترك اللفظي لا يجوز في مرة واحدة في معنيين مختلفين،
كما يقول علماء الأصول؟ إذن فالصلاة ليس معناها الدعاء فقط وإنما تأتي
بمعنى العطف أيضاً، عطوفة الإنسان أمام ربه، فالصلاة بمعنى التعطف تمثل
طبيعة العلاقة والرابطة والصلة بين العبد وربّه.
الدعاء مخ العبادة
تتخذ الصلاة من جانب العبد طبيعة الدعاء، والفرد المؤمن لا يملك شيئاً سوى الدعاء.
فالإنسان
مهما عمل من عمل لا يمكنه أن يطلب الله بجزاء على ذلك العمل، ولا يملك أية
حجة ليحتج على ربّه. وحتى الشكر الذي نشكر به الله سبحانه وتعالى لا
يمكننا أن نؤدّيه إلا بما يتطلب منا مزيداً من الشكر، لأن الشكر يتم
بجوارح الجسم وجوانح القلب وهذه كلها ملك خاص لله عزّ وجلّ شأنه. والشكر
لا يتم إلا بتوفيق من الله وفي ذلك لله علينا حجة ومنّة أن وفقنا لشكره.
وشهر شعبان هو من أشهر الدعاء، وهو شهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله):
(الذي كان يدأب في صيامه وقيامه في لياليه وأيامه بخوعاً لله).
وفي هذا الشهر الكريم كان الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) يبعث بمنادٍ إلى طرقات المدينة يهتف:
(أيها
الناس! أنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ها قد أقبل شهر شعبان، وهو
شهر رسول الله، فأحيوا هذا الشهر بذكر الله وبالصيام والقيام).
مكرمة الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله) لماذا؟
خصّص الله سبحانه وتعالى سورة الأحزاب لبيان مكرمات الرسول (صلّى الله عليه وآله) والميزات التي تميز بها والأحكام التي اختص بها.
ففي
هذه السورة نجد قوله تعالى في أهل بيت الرسول وذريته الذين ساروا على
دربه.. (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
وقد خصصت سورة الأحزاب بصورة عامة لبيان علاقة الأمة بالقيادة الرسالية وبالذات قيادة أهل البيت (عليهم السلام).
وآية
الصلاة في هذه السورة (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ) إنما تعني أن الله يتحنن ويترحم على رسوله ويكرمه وكذلك
الملائكة يفعلون.. ثم يقول سبحانه وتعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
لماذا هذه الصلاة؟وماذا تعني؟
قبل
كلّ شيء لابدّ من تصحيح مسار الثقافة الإنسانية عبر القرون وإلى الأبد،
فكلما تورط الإنسان في الانحراف الثقافي جاء القرآن ليصلح الإنسان وليكون
شفاءً ونجاة له من ذلك الانحراف. ولذا لابدّ أن نقول أن مكرمة الصلاة على
النبي (صلّى الله عليه وآله) ـ التي خص بها المسلمون ـ تحمل في طياتها
جميع معاني العقيدة الإيمانية السليمة، والرفض القاطع لسائر الأفكار
الباطلة. وتنقذ المسلمين من كثير من الضلالات والانحرافات التي يستدرج بها
البشر بوحي من الشيطان وتابعيه ومن أبرز هذه الضلالات:
أولاً: الغلوّ
فالبعض
يغلو حتى يعتقد أن بإمكان الإنسان بلوغ درجة الألوهية بمجرد انتمائه إلى
شخص مقرب إلى الله. وأفضل مثال على ذلك اليهود الذين قالوا: (نَحْنُ
أَبْناءُ اللهِ)، لتصورهم أنّ مجرد انتمائهم إلى موسى بن عمران (عليه
السلام) وإلى بني إسرائيل يعطيهم الحق في التشدق بهذا الإدعاء وغيره.
والغلوّ
مرفوض في الإسلام، لذلك نجد أننا حينما نريد إكرام الرسول (صلّى الله عليه
وآله) ونفعل ذلك إنما عبر الدعاء إلى الله بأن يصلي على نبيّه.. وأن إيجاد
الرابطة والعلاقة بيننا وبين الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) لابدّ
أن تكون هذه العلاقة ضمن إطار توحيد الله.
فالرسول
لا يمكن إلا أن يكون عبداً ورسولاً لله، وإن الله سبحانه وتعالى يؤكد في
هذه السورة على ضرورة عدم الغلو فيقول: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ
مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ
وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).
أي لا تنعتوا الرسول بصفة الأبوة لتغلوا في دينكم كما فعلت اليهود والنصارى من ذي قبل.. إذن فالصلاة على النبي تحمل الرفض للغلوّ.
ثانياً: رفض الوسيلة إلى الله
هذه
الضلالة ترفض أية وسيلة تقربنا إلى الله، يزعم أتباعها بأن الدين هو مجرد
علاقة بين القلب والرب، ولا حاجة إلى رسول أو إمام أو قائد وملهم ديني
يربطنا بالله، وحسبنا أن نركع ونسجد ولا نأتي باباً يوصلنا إلى مرضاة الله.
ويأتي
القرآن الكريم لنسف هذه الضلالة فيقول: إذا ما أراد الإنسان التقرب
والعروج إلى الله فلابدّ من التقرب إليه سبحانه وتعالى عبر رسوله، فيصلي
تقرباً إلى الله.
فالرسول
هو وسيلتنا إلى الله، ولذلك جاء في الأحاديث إذا أراد العبد أن تقبل
دعواته ويستجاب نداؤه فلابدّ من تقديم الصلاة على الرسول قبل الدعاء.
إن
الدعاء إلى الله مقبول ولكن عبر هذه الوسيلة، ولا يمكن بشكل من الأشكال
اختراق المراحل وتجاوز الوسائل. فالله أولاً ثم رسول الله (صلّى الله عليه
وآله) وأهل بيت رسول الله ثم الذين يمثلون خط الرسول وخط أهل بيته صلوات
الله وسلامه عليهم أجمعين، هؤلاء هم وسائلنا إلى الله: (وَابْتَغُوا
إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ).
حكمتان
هنالك حكمتان في طي الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله) وهما:
الحكمة
الأولى: إن الله عزّ وجلّ قد جعل بدء الدعاء واختتامه بالصلاة على النبي
شرطاً لاستجابة الدعاء. فكما أن مؤسسة البريد تهمل الرسائل التي لا تحمل
طابعاً بريدياً، كذلك الله يهمل الدعاء فلا يستجيبه إذا ما كان مجرداً من
الصلاة على محمد وآل محمد.
الحكمة
الثانية: حينما بحث علماء النفس في طبيعة الدعاء لدى الإنسان، وفي طبيعة
الدوافع والنوازع التي تدعوه إلى طاعة أحد ما، وجدوا أن الإنسان أشد ما
تكون طاعته لمن يحب.. وعلى هذا الأساس فسروا اتباع الطفل الصغير لأمّه،
فهو يتبعها ويطيعها حُباً لها لا خوفاً منها. وبذا علم الباحثين في علم
النفس أن أعظم وسيلة تدفع الفرد إلى الطاعة هي الحب. ونحن عندما نريد
إطاعة الرسول (صلّى الله عليه وآله) لابدّ من اتباع ثلاثة محاور لنبلغ
الدرجات العلا في الجنة.. وهي:
1ـ رسالة الله إلى النبي المتمثلة في القرآن الكريم.
2ـ سنة النبي وأهل بيته التي تتلخص بالأحاديث الصحيحة.
3ـ سيرة النبي وأهل بتيه التي تتلخص في حياتهم وسلوكهم.
لا
يمكن اتباع الرسول (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) الذين
هم ضمير الدين وقدوات المؤمنين وأئمة المتقين إلا بحبهم، والحب كأي شيء
آخر بحاجة إلى تنمية ورعاية، وهذه التنمية بدورها تتم عبر الصلاة عليهم.
فحينما نصلي على النبي وآله، ونكرر هذه الجملة في صلواتنا وبعدها وقبلها
وفي مختلف الحالات، فإننا نزداد حبّاً لهم ولمنهجهم وسنتهم وعندها نحظى
بتوفيق الله سبحانه وتعالى.
فضل الصلاة في الأحاديث الشريفة
هنالك
العديد من الأحاديث الشريفة المروية عن النبي (صلّى الله عليه وآله)
والأئمة الأطهار التي جاء فيها بيان لفضل الصلاة على (محمد وآل محمد). عن
محمد بن مسلم عن أحدهما ـ أي الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ـ:
(ما في الميزان أثقل من الصلاة على محمد وآل محمد، وإن الرجل لتوضع أعماله
في الميزان فتميل به ـ أي ترجع كفة الأعمال السيئة على الحسنة ـ فيخرج
الصلاة عليها فيضعها في ميزانه فترجح).
وفي حديث آخر عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد لله الصادق (عليه السلام) قال سمعته يقول:
(قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فإنّها تذهب بالنفاق).
وعن
أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إذا ذكر النبي فأكثروا
الصلاة عليه فإنه من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في
ألف صف من الملائكة، ولم يبق شيء ممّا خلقه الله إلا صلى على العبد لصلاة
الله وصلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور قد برأ الله منه
ورسوله وأهل بيته).
عن
ابن قداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلّى الله
عليه وآله): من صلى عليّ صلى الله عليه وملائكته فمن شاء فليقل ومن شاء
فليكثر).
وعن
الحسن بن فضال عن الإمام الرضا (عليه السلام) يقول: (من لم يقدر على ما
يكفّر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد وآل محمد فإنّها تهدم الذنوب
هدماً).
أتى
رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) وقال له: (يا رسول الله! أجعل لك ثلث
صلاتي، لا بل أجعل لك نصف صلاتي، لا بل أجعلها كلها لك).
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إذاً تكفى مؤونة الدنيا والآخرة).
وفي رواية أخرى عن النبي (صلّى الله عليه وآله) يقول:
(أكثروا الصلاة عليّ فإن الصلاة عليّ نور في القبر ونور على الصراط ونور في الجنة).
(من صلى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب).
وسئل الرسول (صلّى الله عليه وآله) عن الصلاة البتراء؟ فقال: (أن تصلّوا عليّ ولا تصلّوا على أهل بيتي).